ترجمة الإمام ابن كثير
قال الناظم :
ومكَّةَ عبدُ الله فيها مَقامُهُ
هو ابن كثيرٍ كاثُر القوم مُعتلى
روى أحمد البزَّي له ومحمَّدٌ
على سندٍ وهو الملقب قُنبلا
كاثر القوم : أي معتلى ، غالب القوم
اعتلاه بعلمه وفضله .
اسمه : عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زادان بن فيروز بن
هرمز .
كنيته : أبو معبد ، ويقال الداري نسبة إلى بني عبد الدار ، وقال بعضهم
: قيل له الداري لأنه كان عطاراً ، والعرب تسمي العطار دارياً نسبة إلى
دارين موضع بالبحرين يجلب منه الطيب .
مولده : ولد بمكة سنة خمس وأربعين .
وفاته : توفي سنة عشرين ومائة .
كان أحد القراء السبعة : لقي من الصحابة أبا أيوب الأنصاري ، وأنس بن مالك
وعبد الله بن الزبير ، ومجاهد بن جبير ، ودرباس مولى عبد الله بن عباس
وروى عنهم .
فهو تابعي جليل ، كان طويلاً جسيماً أسمر اللون ، أشهل العينين « في سوادهما
زرق » أبيض الرأس واللحية ، وكان يخضبهما أحياناً بالحناء ، وكان فصيحاً
بليغاً مفوها ، عليه السكينة والوقار .
وكان قاضي الجماعة بمكة ، وإمام الناس في القراءة بها ، لم ينازعه فيها
منازع .
قال ابن مجاهد : ولم يزل عبد الله بن كثير هو الإمام المجتمع عليه في القراءة
بمكة حتى مات سنة عشرين ومائة بمكة رحمه الله تعالى .
قيل إنه أقام مدة في العراق ثم عاد إلى مكة ومات بها .
أخذ القراءة عرضاً عن عبد الله بن السائب ، وعن مجاهد بن جبير المكي ،
وعن درباس مولى ابن عباس .
وقرأ ابن السائب على أُبي بن كعب وعمر بن الخطاب .
وقرأ مجاهد على عبد الله بن السائب وعبد الله بن العباس .
وقرأ درباس على عبد الله بن عباس ، وقرأ ابن عباس على أُبي بن كعب وزيد
بن ثابت .
وقرأ أُبي وزيد وعمر على رسول الله صلّى الله عليه وسلم .
روى عنه القراءة جمع كثير منهم إسماعيل بن عبد الله القسط ، وإسماعيل بن
مسلم ، وحماد بن سلمة ، والخليل بن أحمد ، وشبل بن عياد ، وأبو عمرو بن
العلاء ، وسليمان بن المغيرة ، وعبد الملك بن جريج ، وابن أبي مليكة .
ونقل الإمام الشافعي قراءة ابن كثير وأثنى عليها وقال : قراءتنا قراءة
عبد الله بن كثير وعليها وجدت أهل مكة .
أشهر الرواة عن الإمام ابن كثير
وأشهر من روى قراءته البزي وقنبل
البزي
اسمه : أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة .
واسم أبي بزة بشار .فارس من أهل همذان ، أسلم على يد السائب بن أبي السائب
، والبزة معناها الشدة .
كنيته : أبو الحسن .
ولقبه : البزي .
مولده : ولد سنة سبعين ومائة بمكة ، وهو أكبر من روى قراءة ابن كثير .
وفاته : توفي سنة خمسين ومائتين .
انتهت إليه مشيخة الإقراء بمكة ، وكان مؤذن المسجد الحرام وإمامه أربعين
سنة .
أستاذ ضابط محقق .
روى القراءة عن عكرمة بن سليمان عن إسماعيل بن عبد الله القسط .وعن شبل
ابن عباد عن ابن كثير .
ولم ينفرد البزي برواية قراءة ابن كثير بل رواها عنه الكثير لكنه كان أشهرهم
وأميزهم وأعدلهم وقرأ عليه كثيرون ، منهم الحسن بن الحباب ، وأبو ربيعة
، وأحمد بن فرح ، وقنبل وهو الراوي الثاني لقراءة ابن كثير .
قنبل
اسمه : محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن محمد بن سعيد المخزومي المكي
.
كنيته : أبو عمرو .
لقبه : قنبل ، اختلف في سبب تلقبه هذا اللقب فقيل لأنه من بيت يقال لهم
القنابلة ، وقيل لاستعماله دواءً يقال له قنبل معروف عند الصيادلة لداءٍ
كان به فلما أكثر منه عرف به .
مولده : ولد بمكة سنة خمس وتسعين ومائة .
وفاته : توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين عن ست وتسعين سنة بمكة .
كان قنبل إماماً في القراءة متقناً ضابطاً ، انتهت إليه رئاسة الإقراء
بالحجاز .
كان قنبل على الشرطة بمكة لأنه كان لا يليها إلا رجل من أهل الفضل والخير
والصلاح ليكون على حق وصواب فيما يباشره من الحدود والأحكام ، فولوها قنبلاً
لعلمه وفضله عندهم وكان ذلك في وسط عمره فحمدت سيرته .
وهو من أجلِّ من روى قراءة ابن كثير وأوثقهم ، وقدم البزي عليه لأنه أعلى
سنداً منه إذ هو مذكور فيمن تلقى عنهم قنبل .
أخذ القراءة عرضاً عن أحمد البزي وعن أحمد بن محمد بن عون النبال ، وعلى
أبي الحسن أحمد القواس وعلى إسماعيل بن شبل وعلى أبي الإخريط وهب بن وضاح
، وعلى معروف بن مشكان عن ابن كثير .
وروى القراءة عنه عرضاً أُناس كثيرون ، منهم أبو ربيعة محمد بن إسحاق ،
ومن أجلِّ أصحابه محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن الصباح ، وأحمد بن
موسى بن مجاهد مؤلف كتاب « السبعة » وابن شنبوذ وقيل إنه لما طعن في السن
قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين ، وقيل بعشر سنين .
قال الناظم :
روى أحمد البزي له ومحمد
على سندٍ وهو الملقب قنبلا
البزي وقنبل من القسم الثالث فإن بين البزي وقنبل وبين ابن كثير أكثر
من واحد .
منهج ابن كثير في القراءة
1- يبسمل بين كل سورتين إلا بين الأنفال والتوبة كا قالون .
2- يضم ميم الجمع ويصلهما بواو إن كان بعدها متحرك بلا خلف عنه .
3- يقرأ بقصر المنفصل وتوسط المتصل قولاً واحداً .
4- يسهل الهمزة الثانية من الهمزتين من كلمة من غير إدخال ألف بينهما .
5- يختلف راوياه في الهمزتين من كلمتين إذا كانتا متفقتي الحركة ، فالبزي
يقرأ كقالون ، وقنبل يقرأ بتسهيل الثانية أو إبدالها حرف مد كورش .
وأما مختلفتي الحركة فابن كثير من روايتيه يغير الثانية منهما كما يغيرها
قالون وورش .
6- يصل هاء الضمير بواو إن كانت مضمومة وقبلها حرف ساكن وبعدها حرف متحرك
نحو ( مِنْهُ آيَاتٌ ) ، ويصلها بياء إن كانت مكسورة وقبلها ساكن وبعدها
متحرك نحو ( فِيهِ هُدًى ) .
7- يفتح ياءات الإضافة إذا كان بعدها همزة قطع مفتوحة أو همزة وصل مقرونة
بلام التعريف أو مجردة منها على تفصيل يعلم من المؤلفات في كتب القراءات
.
8- يقف على التاءات المرسومة في المصاحف تاء مفتوحة بالهاء نحو ( رَحْمَةُ
اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ) ، ( وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ) .
9- يثبت بعض الياءات الزائدة وصلاً ووقفاً موجودة في كتب القراءات .
ومما ينبغي أن يعلم أن الخلاف بين راويي ابن كثير ، البزي وقنبل إنما هو
في كلمات قليلة مبينة في كتب القراءات .
|