ترجمة الإمام أبو عمرو البصري
وأما الإمام المازنيُّ صريحَهُم
أبو عَمرو والبصري فوالدُهُ العلا
أفاض على يحيى اليزيدي سيبه
فأصبح بالعذبِ الفُرات معللا
أبو عُمَرَ الدوري وصالحهم أبو
شُعيبٍ هو السوسيُّ عنه تقبَّلا
المازني : نسبة لبني مازن .
والصريح : الخالص النسب .
والسبب : العطاء ، والمراد به هنا العلم .
والفرات : العذب ، وجمع بينهم للتأكيد .
والمعلل : الذي يسقي مرة بعد أخرى .
اسمه : زبان بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحسين بن
الحارث ، ينتهي نسبه إلى عدنان .
كنيته : وهو أبو عمرو .
أحد القراء السبعة ، وهو الإمام السيد أو عمرو التميمي المازني البصري
.
مولده : ولد بمكة سنة سبعين ، وقيل سنة ثمان وستين .
وفاته : في قول الأكثرين سنة أربع وخمسين ومائة .
نشأ بالبصرة ، وتوجه مع أبيه لما هرب من الحجاج ، فقرأ بمكة والمدينة ،
وقرأ بالكوفة والبصرة ، على جماعات كثيرة فليس من القراء السبعة أكثر شيوخاً
منه .
سمع أنس بن مالك وغيره من الصحابة ، فلذلك عُد من التابعين .
ويوثقه أهل الحديث ويصفونه بأنه صدوق .
وكان أبو عمرو لجلالته لا يسأل عن اسمه ، وكان من أشراف العرب ووجوهها
، مدحه الفرزدق وغيره من الشعراء ، وكان أعلم الناس بالعربية والقرآن ،
وأيام العرب والشعر مع الصدق والأمانة والثقة .
روى عنه الأصمعي : أنه قال ما رأيت أحداً قبلي أعلم مني .
قال الأصمعي : وأنا لم أر بعده أعلم منه .
وكان يونس بن حبيب النحوي يقول : لو كان هناك أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله
في كل شيء لكان ينبغي أن يؤخذ بقول أبي عمرو بن العلاء .
وقال ابن كثير في البداية والنهاية : كان أبو عمرو علاّمة زمانه في القراءات
والنحو والفقه ومن كبار العلماء العاملين .
وقال أبو عبيدة : كانت دفاتر أبي عمرو ملء بيت إلى السقف ثم تنسك فأحرقها
وتفرغ للعبادة وجعل على نفسه أن يختم في كل ثلاث ليال .
ويروي بعض المؤرخين عن أبي عمرو إنه قيل له : متى يحسن بالمرء أن يتعلم
؟ فقال : ما دامت الحياة تحسن به .
وعن الأخفش قال : مر الحسن البصري بأبي عمرو وحلقته متوافرة ، والناس عكوف
على درسه ، فقال الحسن : من هذا ؟ فقالوا : أبو عمرو .
فقال : لا إله إلا الله ، كاد العلماء أن يكونوا أرباباً ، ثم قال الحسن
: كل عزٍّ لم يوطد بعلم فإلى ذلٍّ يؤول .
وعن سفيان بن عيينة قال : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المنام
، فقلت له : يا رسول الله قد اختلفت عليَّ القراءات ، فبقراءة من تأمرني
.
فقال : « اقرأ بقراءة أبي عمرو بن العلاء » .
وكان نقش خاتمه : « وإن امرأ دنياه أكبر همه ، لمستمسك منها بحبل غرور
» .
قال : أبو عمرو الأسدي لما أتى نعي أبي عمرو أتيت أولاده لأعزيهم ، فبينما
أنا عندهم إذ أقبل يونس بن حبيب ، فقال : نعزيكم ونعزي أنفسنا في من لا
نرى له شبهاً آخر الزمان ، والله لو قسِّم علم أبي عمرو وزهده على مائة
إنسان لكانوا كلهم علماء زهاداً ، والله لو رآه رسول الله صلّى الله عليه
وسلم لسره ما هو عليه .
قرأ على الحسن بن أبي الحسن البصري ، وعلى أبي جعفر ، وحميد بن قيس الأعرج
، وأبي العالية ويزيد بن رومان ، وشيبة بن نصاح ، وعاصم بن أبي النجود
، وعبد الله بن كثير ، وعكرمة بن خالد ، وعكرمة مولى ابن عباس ، ومجاهد
بن جبير ، وسعيد بن جبير ، ونصر بن عاصم ، ويحيى بن يعمر .
وقرأ الحسن على حطان بن عبد الله الرقاش ، وقرأ حطان على أبي موسى الأشعري
، كما قرأ حطان على أبي العالية ، وقرأ أبو العالية على عمر بن الخطاب
وأُبي بن كعب وزيد ، وابن عباس .
وتقدم سند يزيد ، وشيبة في قراءة نافع ، وسند عبد الله بن كثير ، وسيأتي
سند عاصم .
وقرأ نصر بن يحيى بن يعمر على أبي الأسود ، وقرأ أبو الأسود على عثمان
وعلي رضي الله عنهما .
وليس في القراء أكثر شيوخاً منه ، ولو ذهبنا نعدد لاحتجنا إلى الكثير ،
وروى عنه القراءة عرضاً وسماعاً لا يحصون كثرة ، منهم : شجاع بن أبي نصر
البلخي ، والعباس بن الفضل ، وعبد الله بن المبارك ، ويحيى بن المبارك
، وسيبويه ويونس بن حبيب شيخا النحاة ، وأبو زيد سعيد بن أوس ، وسلام بن
سليمان الطويل ، وسهل بن يوسف .
وأخذ عنه النحو : يونس بن حبيب ، وسيبويه ، والخليل بن أحمد ، ويحيى اليزيدي
، وأخذ عنه الأدب وغيره طائفة ، منهم : أبو عبيدة معمر بن المثنى ، والأصمعي
، ومعاذ بن مسلم النحوي .
أشهر من روى قراءته
وأشهر من روى قراءته حفص الدوري والسوسي .
أفاض أبو عمرو سيبة الذي هو العلم على يحيى اليزيدي فأصبح يحيى ببركة
إفاضة أبي عمرو العلم عليه معللاً ريان من العلم .
ويحيى هذا هو السند المتوسط بين أبو عمرو وراوييه وهما : أبو عمرو والدوري
وأبو شعيب السوسي .
حفص الدوري
أول من جمع القراءات ، وراوي الإمامين أبي عمرو والكسائي .
اسمه : حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صُهبان بن عدي بن صهبان الدوري الأزدي
البغدادي النحوي المقرئ الضرير راوي الإمامين أبي عمرو والكسائي .
كنيته : أبو عمر .
لقبه : الدوري ، نسب إلى الدور ، موضع ببغداد ، ومحله بالجانب الشرقي منها
.
مولده : سنة خمسين ومائة في الدور أيام المنصور .
وفاته : توفي سنة ست وأربعين ومائتين .
إمام القراء في عصره ، وهو ثقة مثبت كبير ضابط ، أول من جمع القراءات وصنف
فيها .
قال الأهوازي : إنه رحل في طلب القراءات ، وقرأ بسائر الحروف متواترها
وصحيحها وشاذها وسمع من ذلك شيئاً كثيراً ، وقصده الناس من الآفاق لعلو
سنده وسعة علمه .
من مصنفاته : « أحكام القرآن والسنن » ، « ما اتفقت ألفاظه ومعانيه من
القرآن » ، « فضائل القرآن » ، « أجزاء القرآن » .
روى عنه بعض الأحاديث ابن ماجة في سننه وأبو حاتم ، وقال : صدوق .
قال أبو داود : رأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري .
قرأ على إسماعيل بن جعفر عن نافع ، وقرأ على نافع أيضاً .
وقرأ على يعقوب بن جعفر عن ابن جماز عن أبي جعفر .
وقرأ على سليم عن حمزة .
وقرأ على الكسائي ، وعلى يحيى بن المبارك اليزيدي .
وروى القراءة عنه أُناس كثيرون ، منهم أبو عبد الله الحداد ، وأحمد بن
حرب شيخ المطوعي ، وأحمد بن يزيد الحلواني ، والحسن بن علي بن بشار بن
العلاف ، وأبو عثمان الضرير ، والأصبهاني وأُناس كثيرون .
السوسي
اسمه : صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود
السوسي الرقي .
كنيته : أبو شعيب .
وفاته : توفي بالرقة أول سنة إحدى وستين ومائتين وقد قارب التسعين .
مقرئ ، ضابط ، محرر ، ثقة .
أخذ القراءة عرضاً وسماعاً على أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي وهو من
أجلِّ أصحابه وأكبرهم .
روى عنه القراءة ابن محمد وموسى بن جرير النحوي ، ومحمد بن سعيد الحراني
، وأحمد بن شعيب النسائي الحافظ ، وموسى بن جمهور ، ومحمد بن إسماعيل القرشي
، وأبو الحارث الطرسوسي وآخرون .
حفص الدوري والسوسي من القسم الثاني من بينه وبين الإمام واحد « الدوري
والسوسي » عن يحيى بن المبارك اليزيدي عن أبي عمرو .
منهج أبي عمرو في القراءة
1- له بين كل سورتين ، البسملة ، السكت ، الوصل ، أما بين الأنفال وبراءة
فله القطع والسكت والوصل وكل منها بلا بسملة .
2- له في المد المنفصل القصر والتوسط من رواية الدوري ، والقصر فقط من
رواية السوسي .
3- يسهل الهمزة الثانية من الهمزتين الواقعتين في كل كلمة مع إدخال ألف
بينهما .
4- له من رواية السوسي إدغام المتماثلين نحو ( الرَّحِيمِ - مَلِكِ ) ،
والمتقاربين نحو ( وَشَهِدَ شَاهِدٌ ) ، والمتجانسين نحو ( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ
بِكُمْ ) بشروط مخصوصة يمكن الرجوع إلى كتب القراءات .
5- يسقط الهمزة الأولى من الهمزتين الواقعتين في كلمتين المتفقتين في الحركة
ويغير الهمزة الثانية في المختلفتين .
6- يبدل الهمزة الساكنة من رواية السوسي نحو ( اطْمَأْنَنتُمْ – الذِّئْبُ
- الْمُؤْمِنُونَ ) سوى ما استثناه له أهل الأداء .
7- يدغم ذال إذ في حروف مخصوصة نحو ( إِذْ دَخَلُوا ) .
ودال قد في حروف مخصوصة نحو ( قَدْ ظَلَمَ ) وتاء التأنيث في بعض الحروف
نحو ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ ) ولام هل في ( هَلْ تَرَى ) .
8- يقف على التاءات التي رسمت تاء بالهاء نحو ( جَنَّتُ نَعِيمٍ ) .
9- يفتح ياءات الإضافة التي بعدها همزة قطع نحو ( إِنِّي أَعْلَمُ ) مفتوحة
أو مكسورة نحو ( فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنْ اغْتَرَفَ ) والتي بعدها
همزة وصل مقرونة بلام التعريف نحو ( لاََ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
) والمجردة من أل نحو ( هَارُونَ أَخِي - اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) على تفصيل
.
10- يثبت بعض ياءات الزوائد وصلاً نحو ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا
دَعَان ) .
11- يقلل الألفات من ذوات الياء إذا كانت الكلمة التي فيها ألف على وزن
« فعلى » نحو السلوى أو كسرها نحو ( سِيمَاهُمْ ) أو ضمها نحو ( الْمُثْلَى
) .
12- يميل الألفات من ذوات الياء إذا وقعت بعد راء نحو ( اشْتَرَى ) .
يميل الألفات التي وقع بعدها راء مكسورة متطرفة نحو ( مِنْ دِيارِهِمْ
) يميل الألف التي وقعت بين راءين الثانية منهما متطرفة مكسورة نحو ( الأَبْرَار
- الأَشْرَار ) .يميل ألف لفظ الناس المجرور من رواية الدوري .
|